اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
81351 مشاهدة
الشهادة بالتوحيد لله تعالى

وبعد إنـي بـاليقـين أشـهــد
شهــادة الإخـلاص ألا يعبـــد
بالحـق مألوه سـوى الرحـمـن
من جل عـن عيب وعـن نقصـان
هذه هي شهادة الحق، هي شهادة أن لا إله إلا الله، يقول إني أشهد بها شهادة اليقين، اليقين هو: الجزم بالشيء يعني إني موقن بها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله مُستيقنا بها قلبه دخل الجنة ؛ وذلك لأنه إذا استيقن قلبه، وامتلأ قلبه باليقين الذي لا يخالطه شك؛ فلا شك أنها تدفعه إلى التوحيد، وتحميه عن الشرك.
وكذلك قوله: ( شهادة الإخلاص )، (الإخلاص) هو في الأصل: تصفية الشيء، ومنه تخليص الشيء عما يخالطه، وإخلاص العبادة لله تعالى ألا يصرف منها شيء لغيره، ومنه قوله تعالى: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وفي قوله: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ .
(ألا يعبد بالحق مألوه سوى الرحمن)؛ يعني أشهد بأنه لا أحد يستحق العبادة إله غير الرحمن، قال: لا يعبد؛ يعني بنوع من أنواع العبادة، ثم قيد ذلك بالحق، لا يعبد بالحق؛ وذلك لأن هناك معبودون؛ ولكنهم معبودون بغير الحق، الأوثان التي تعبد لا تعبد بالحق ولكنها تعبد بغير الحق أي بالباطل.
وقوله: (مألوه) المألوه هو: المعبود، والإله هو: الذي تألهه القلوب، أي تحبه وتعظمه وتخافه وترجوه؛ أي ليس هناك من تألهه القلوب محبة وقبولا ورضا وخوفا ورجاء وتوكلا سوى الرحمن؛ أي إلا الرحمن من أسماء الله تعالى الرحمن رحمة عامة لجميع خلقه، والرحيم رحمة خاصة بالمؤمنين.
نزه ربه بعد ذلك:
.....................................
من جل عـن عيـب وعن نقصـان
أي تقدس وتنـزه وتعالى وجل عن أن يلحقه في صفاته عيب أو نقصان؛ يعني موصوف –سبحانه- بصفات الكمال التي ليس فيها عيب كما نزه نفسه عن النقائص كقوله تعالى: لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ وقوله: لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ .